فصل: ما أتى عن بطليموس في طبائع أهل العمران

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صفة جزيرة العرب **


 ما أتى عن بطليموس القلوذي في طبائع أهل العمران من الأرض

على الجملة لما كانت الكواكب مشتركة التدبير في بقاع الأرض خالطة بين الوسط والطرف كان من حسن التأليف وانسياق النظام أن نذكر الكل ليعرف ما لجزيرة العرب من الطبائع الخاصيِّة والعاميَّة وأن يظهر ما وسمها به الحكماء مما في أهلها موجود ومعاين فأما في الجملة فإن العامر من الأرض الأعلى من ربيعها الشماليين هو عنده على ثلاث خبَّات متفاوتة‏.‏

فالخبَّة الأولى ما كان من خط الاستواء تحت مجاري الكواكب إلى مسامته منقطع الميل من رأس السرطان وذلك سمت ما بين مكة والمدينة وما حاذاه شرقاً وغرباً والخبَّة الثانية من هذا العرض إلى ما زاد على الميل مثل نصفه وذلك حيث يكون العرض ستة وثلاثين جزءاً من المشرق إلى المغرب والخبَّة الثالثة من هذا العرض إلى أقصى العمران ومسامته من الفلك مدار بنات نعش‏.‏

قال‏:‏ فالذين مساكنهم فيما بين رأس الحمل ورأس السرطان وهو ما بين خط الاستواء وموسط الحجاز وما أخذ أخذه شرقاً وغرباً فقد يعرض لهم أن الشمس يحرقهم ممرها على سمت رؤوسهم فتكون أبدانهم سوداً وشعورهم سوداً جعدة كثيفة ووجوههم قحلة وجثثهم قصيفة وطبائعهم حارة وأخلاقهم في أكثر الأمر وحشية لدوام الحر في موضع مسكنهم واتصاله بهم‏.‏

قال‏:‏ وهم الذين نسميهم باسم عام الحبش‏.‏

ولسنا نراهم على هذه الحال من الحرارة فقط بل يظهر الحر الشديد في الهواء المحيط بهم أيضاً في سائر الحيوان والنبات الذي عندهم‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ إن الحكيم وإن نسب هذه الخبة إلى الحبشة فإن الحبشة أقل من فيها وفيها من هو أشد سواداً منهم ومن هو أصفى منهم ألواناً ومن يخالف الجميع بالبياض وباعتدال الألوان وبالخضرة والأدمة مثل ساكني طرف هذه الخبة من الصين ومن جزيرة العرب ولذلك علل قد ذكرناها في كتاب سرائر الحكمة‏.‏

قال بطليموس‏:‏ وأما الذين يسكنون تحت مدار بنات نعش فإنهم لما كان بعدهم عن فلك البروج وعن حرارة الشمس بعداً كثيراً صار البرد عليهم أغلب ولما كان ما يصل إليهم من الرطوبة شيء كثير غزير الغذاء ولم يكن هناك حرارة تنشفها صارت ألوانهم بيضاء وشعورهم سبطاً وأبدانهم عظيمة مخصبة وطبائعهم مائلة إلى البرد وأخلاق هؤلاء القوم أيضاً وحشية لدوام البرد في مواضع مساكنهم اتصاله وكلما وجد فيهم فهو موجود في دوابهم وثمارهم من العظم والقوة واختلاف التأليف‏.‏

وأما الذين يسكنون في الوسط فيما بين مدار بنات نعش ومدار رأس السرطان فإن الشمس لما كانت لا تصل إلى موضع سمت رؤوسهم - ولم يكن بعدها عنهم في أوقات انتصاف النهار بعداً كثيراً فكان مزاج هوائهم معتدلاً فكان قد يختلف إلا أنه لا يعرض له تغير كثير من الحر إلى البرد ومن البرد إلى الحر - صارت ألوان هؤلاء متوسطة ومقادير أبدانهم معتدلة وطبائعهم حسنة المزاج ومساكنهم متصلة وأخلاقهم أنيسة‏.‏

ومن كان من هؤلاء يميل إلى ناحية الجنوب فهو في أكثر الأمر أذكى وأحيل وأقوى على العلم بأمور الآلهة لقرب فلك البروج والكواكب المتحيرة من موضع سمت رؤوسهم وحركات أنفسهم تليق بحركات الكواكب في سرعة وقوفها على الشيء وإنها ذوات فحص ونظر في العلوم التي تسمى التعليمية - أي علم النجوم والحساب - كأنه يريد أداني بابل فبلد فارس فذاهبا إلى المغرب على أرض مصر وجزيرة يونان - ومن كان منهم بالجملة مائلاً إلى ناحية المشرق فهم أكثر تذكراً وأقوى انفساً ويظهرون جميع أمورهم لأن ناحية المشرق من طباع الشمس وهي ناحية نهارية مذكرة ومتيامنة كما يرى في الحيوان أن الأعضاء المتيامنة منه أقوى وأعون على الشدة والجلد ويكون دواب هذه الناحية أقوى وأعمل وأصبر من غيرها‏.‏

وأما الذين يميلون إلى ناحية المغرب فهم أكثر تأنيثاً وأنفسهم ألين ويخفون أمورهم في أكثر الأمر ويسترونها لأن هذه الناحية قمرية ومن شأن القمر أبداً أن يكون أول طلوعه وظهوره بعد الاجتماع من ناحية مهب الرياح الغربية المسماة بالدبور ولذلك يظن بهذه الناحية أنها ليلية مؤنثة متياسرة ضد الناحية الشرقية وكل واحدة من هذه النواحي الكلية يلزم أن يكون فيها أحوال جزئية من أحوال الأخلاق والسنن الطبيعية كما أن أحوال الهواء المحيط تختلف في المواضع التي ذكرناها حارة على أكثر الأمر أو باردة أو معتدلة على أكثر الأمر وتخص مواضع وبلداناً منها بالزيادة والنقصان إما لمرتبة الموضع في الوضع وإما لارتفاعه وانخفاضه وإما لمجاورته ما يجاوره‏.‏

وكما أن بعض الناس أيضاً فلاحون خاصة لسهولة أرضهم وغيرهم نواتي وملاحون لقرب البحر منهم وآخرون أهل خفض ودعة وأنس ويسار لخصب بلادهم وكثرة خيرها وكذلك يجد الإنسان طباعاً خاصية في كل واحدة من البلدان من المشاكلة الطبيعية التي فيما بين الأقاليم الجزئية وبين الكواكب والبروج وهذه الاختلافات التي ذكرناها إنما ذكرناها على أكثر الأمر لا على التبعيض على أنه لابد من أن نذكر جمل الأشياء لجزئية بالمقدار الذي ينتفع به‏.‏

ما أتى عن بطليموس القلوذي في طبائع أهل العمران من الأرض على التبعيض والتجزئة قال بطليموس الحكيم‏:‏ لما انقسمت دائرة البروج بأربعة أقسام وهي - المثلثات لأن كل قسم منها ثلاثة أبراج على طبيعة من الطبائع الأربع التي هي النار والأرض والهواء والماء - انقسم عامر الأرض بأربعة أقسام كل قسم منها منسوب إلى قسم من المثلثات في الطباع لأن كل محيط بطبع ما أحاط به على قدر طبيعته فأول المثلثات النارية هي الحمل والأسد والقوس والمثلثة الثانية الترابية وهي الثور والسنبلة والجدي والمثلثة الثالثة الهوائية وهي الجوزاء والميزان والدَّلو والمثلثة الرابعة المائية وهي السرطان والعقرب والسمكة فمثلثة الحمل لشمال المغرب ووالي تدبيرها الأول المشتري لأنه شمالي ثم يليها بعده المريخ أنه مغربيّ ومثلثة الثور لمقابلة هذا القسم وهو جنوب المشرق ووالي تدبيرها الأول كوكب الزهرة لأنها جنوبية ثم يليها بعده زحل لأنه مشرقي ومثلثه الجوزاء لشمال المشرق وصاحب تدبيرها الأول زحل لأنه مشرقي ويليها بعده المشتري لأنه شمالي ومثلثه السرطان لما قابل هذا القسم وهو جنوب المغرب ووالي تدبيره الأول المريخ لأنه مغربي ثم يليه بعد الزُّهرة لأنها جنوبية‏.‏

قال‏:‏ فلما كانت هذه الأشياء كذلك وكان وضع سكناها ينقسم إلى أربعة أرباع متساوية في العدد للمثلثات أما عرضه فينقسم بالخط الذي يمر ببحرنا - يعني بحر الاسكندرية - ويبتدأ من الموضع الذي يقول مجاز إيراقليس ويأخذ إلى الخليج الذي يقال له أيسطيقوس وهو بالظهر الجبلي الذي يليه من ناحية المشرق وبهذا الخط ينفصل ما بين الناحية الجنوبية والشمالية منه وينقسم طوله بالخط الذي يمر بالخليج العربي وباللُّجِّ الذي يقال له إيجيون وبفنطس وبالبحيرة التي يقال لها ماوطيس وهو الخط الذي يفصل به بين المشرق والمغرب فصارت هذه الأرباع المنقسمة بهذين الخطين موافقة في الوضع للمثلثات والربع الواحد من أرباع هذا الموضع المسكون كله - أعني الذي فيما بين الشمال والمغرب - هو في ناحية البلاد التي تسمى قالطوغالاطيا وهي التي يعمها اسم أوروفا وأمم هذا الربع الصقالبة وفرنجة والإسبان وترك المغرب في الروم وقالي قلا‏.‏

والربع الذي يقابل هذا الربع - يعني بين الصبا والجنوب - هو في ناحية البلاد التي يقال لها إتيوفيا الشرقية وهي الجزء الجنوبي من آسيا العظمى والربع الثالث اعني الذي بين الشمال والصبا هو في ناحية البلاد التي يقال لها سقوتيا وهو الجزء الشمالي من أسيا العظمى والربع المقابل لهذا الربع أعني الذي فيما بين مهبِّ الدبور والجنوب هو في ناحية البلاد التي يقال لها إتيوفيا الغربية وهي التي يعمها اسم بلاد ليبوا يريد بشمال المغرب أرض الروم فما غرب منها وبشمال المشرق خراسان وما شرق منها وبجنوب المشرق السند والهند وما شرق عنها وبجنوب المغرب الحبش والزنج وما غرب عنها‏.‏

قال أيضاً فإن لكل واحد من الأرباع التي تقدم ذكرها مما كان من أجزائه ما يلي وسط الأرض المسكونة كلها فوضعه بقياسه إلى جميع ذلك الربع الذي هو منه ضد وضعه من جميع الأرض المسكونة وذلك أن الربع المنسوب إلى أوروفا وهو الموضع بين الشمال والدبور من جميع الأرض المسكونة يكون وضع ما يلي منه وسط الأرض المسكونة يميل إلى الزاوية المقابلة للزاوية التي فيها ذلك الربع مائلاً إلى الجنوب والصّبا وكذلك الأمر في سائر الأرض حتى يكون من ذلك لكل واحد من الأرباع مشاكل للمثلثتين المقابلتين وتكون الأجزاء التي تلي الوسط منه مائلة إلى الأمر الذي مال إليه ذلك الجزء الذي هو خلاف ما يميل إليه بكليته ويكون سائر أجزائه موافقة لمثل كلية الربع وينبغي أن يؤخذ مع كواكب مثلثة ذلك الربع في المشاكلة الكواكب التي لها التدبير في تلك المثلثات الآخر وينبغي في جميع المساكن أن يؤخذ الكواكب المدبّرة لتلك المثلثات فقط في كل واحد من أرباعها ما خلا الأجزاء التي وسط العمران منها فإنه يؤخذ مع الكواكب المدبرة للمثلثات كوكب عطارد لأنه من حيز متوسط مشترك فيجب من هذا الترتيب أن يكون الأجزاء الموضوعة فيما بين الشمال والدبور من الربع الأول الذي هو فيما بين الشمال والدبور من الأرض المسكونة أعني الربع المنسوب إلى أوروفا مشاكلة للمثلث الذي فيما بين الشمال والدبور وهو مثلث الحمل والأسد والرّامي وبالواجب صار المدّبرين لها ربّاً هذا المثلث أعني المشتري والمرّيخ إذا كاناً منسوبين إلى العشيات والأمم الكلّية التي تسكن في هذه الأجزاء هي أهل بلاد الصقالبة بلاد برطانيا وغلاطيا وجرمانيا وباسطرنيا وإيطاليا وغاليا وأبوليا وسقيليا وطورينيا وقالطيقي وسبانيا وقد تمسى أكثر هذه الأسماء بالهاء فيقال غلاطية ويهمس فيه ويقال غالطية وإيطالية وأبولية وهي مدنية عظمية بمنزلة عمورية وسقيلية وهي سقيلية وطورينية بمنزلة قورينية وما كان منها مثل ملطية بمنزلة سلمية‏.‏

قال فيجب أن يكون أهل هذه البلدان في أكثر الأمر بسبب رياسة هذا المثلث وبسبب الكواكب التي تشترك في تدبيره غير خاضعين محبين للحرية والسلاح والتعب محاربين أصحاب سياسة ونظافة كبار الهمم ولما كان المشتري والمرّيخ مشتركين فيهم إذا كان في الحال المنسوبة إلى العشيات وكانت الأجزاء المتقدمة من هذا المثلث مذكرة والمتأخرة مؤنثة عرض لهذه الأمم أن لا يكون لهم غيرة في أمر النساء وصاروا مستخفين بمجامعتهن وهم في الذكورة أرغب وعليهم أغير ومن ارتكب ذلك منهم لا يرى أنه أتى فعلاً منكراً قبيحاً ومن ارتكب منه ذلك لا يرى أنه بالحقيقة عديم الرّجلة مسترخياً فيمتنع من أن يفعّل به ويأخذون أنفسهم بالّرجلة والمؤاساة والأمانة وصحبة القرب وباصطناع المعروف وهذه البلاد التي ذكرنا أولاً أما بلاد برطانيا منها أو بلاد غالاطيا وبلاد جرمانيا وبلاد بسطرانيا فتشاكل الحمل خاصة والمريخ ولذلك صار سكانها في أكثر الأمر وحشيين متهورين أخلاقهم قريبة من أخلاق السباع يعني متهورين لا دين لهم وأما بلاد ايطاليا منها وبلاد أبوليا وبلاد سقلية فإنها تشكل الأسد والشمس ولذلك صار سكانها أصحاب سياسة وأصحاب اصطناع المعروف وأصحاب مؤاساة وأما بلاد طورينيا منها وبلاد قالطيقيا وبلاد أسبانيا فإنها تشكل الرامي والمشتري ولذلك صار سكانها سليمي القلوب محبّي النظافة وأما الأجزاء التي في هذا الرّبع وما يقع في جزيرة العرب الماثلة إلى وسط الأرض المسكونة تراقا أي ترقة وما قادونيا أي مقدونية وهي أرض مصر وايلورية واللآس وحايا والأصل أحايا واقريطس الجزيرة والبلد التي تمسى وقلادس وسواحل آسيا الصغرى وهي سواحل مصر وجزيرة قبرص وهي الأجزاء التي مما يلي ناحية الجنوب والصبا من هذا الربع فهي تشكل مع ما قلنا المثلث المنسوب إلى ما بين الجنوب والصّبا أعني مثلث الثور والعذراء والجدي وتشترك في تدبيره الزّهرة وزحل وعطارد أيضاً ولذلك صار سكان هذه البلدان متشاهبين في الصور أكثر من غيرهم معتدلي الأبدان والأنفس وهم أيضاً أصحاب سياسة أشداء غير خاضعين من أجل المرّيخ وهم أيضاً محبون للحرية ينفرد كل واحد منهم بسنة خاصية له وبرياسة لنفسه ويخترعون السنن من أجل المشتري وهم يحبون الموسيقى أي الأغاني المليحة والتعليم والجهاد والتنظيف في تدبيرهم من أجل الزّهرة وهم أصحاب مؤاساة يحبون إضافة الغرباء والعدل والكتاب واستعمال الكلام من أجل عطارد كاتمين للأسرار من أجل مشاكلتهم الزهرة إذا كانت منسوبة إلى العشيات وأيضاً فإن هذه البلدان إذا فصّلت وجزئت صار الذين يسكنون بلاد قوقلادس وسواحل آسيا الصغرى وقبرس مشاكلين خاصة للثور والزهرة ولذلك صاروا في أكثر الأمر مترفين محبين للنظافة معتنين بأمر البدن أي يؤثرون لذة الأبدان من المطعم والمشرب والملبس والملمس والشم والسماع وصار الذين يسكنون الآس وأحايا واقريطيس مشاكلين للعذراء وعطارد وهم لذلك أصحاب منطق خاصة يحبون التعليم ويقدمون العناية بأمر النفس على البدن أي يؤثرون لذة أرواحهم من الحكمة والعلم والنظر في غوامض الأمور وصار الذين يسكنون بلاد مقدونية وتراقا وإيلورية مشاركين للجدي وزحل ولذلك يحبون الملك وليست أخلاقهم بأنيسة ولا يشتركون في الأشياء السنية‏.‏

قسم ما بين المشرق والجنوب‏:‏ وأما الربع الثاني الذي في الناحية الجنوبية من بلاد آسيا العظمى فإن النواحي منه التي تشتمل على بلاد الهند والصين ومكران وكرمان وفارس وبابل وملتقى النهرين وأثور ووضعها مائل إلى جهة الجنوب والصبا من جميع الأرض المسكونة بالواجب صارت مشاركة للمثلث الذي فيما بين الجنوب والصبا وهو مثلث الثور والعذراء والجدي والذي يدبر هذه البلدان الزهرة وزحل إذا كانا منسوبين إلى الغدوات ولذلك صارت طبائع سكان هذه البلدان تابعة لطبائع هذين المدبرين ولذلك إنهم يعظمون الزهرة ويسمونها إسيس ويسمون زحل مترا الشمس ومنهم كثير ممن يخبر بالأشياء التي تكون قبل حدوثها ويصونون الأعضاء المولدة بالتي في المولدة للطبع يعني المشتري والزهرة يريد بالولد القريع والأعضاء الرئيسية تعظيماً لمشابهتها من الكواكب وهم أصحاب حرارة كثيرو الجماع منهمكون فيه وهم أصحاب رقص ووثوب محبون للزينة والنظافة والبيع من أجل الزهرة ومن أجل زحل لا يأتدمون حد كثير في طعامهم ومنهم من لا يرى أكل اللحم مثل البراهمة وتدبيرهم من أجله تدبير بسيط ويظهرون مجامعة للنساء لا يستترون لذلك ولا يدفنون موتاهم لحال الشكل المنسوب إلى الغدوات ويبغضون فعل ذلك مع الذكورة جداً وفي بعض هذه البلدان من يستحسن نكاح الأمهات والأخوات والبنات ويولدونهن ويكفر بعضهم لبعض بالإشارة بالصدور قال أبو محمد التكفير أن يخر بذقنه هابطاً نحو صدره ويلقي له راحته ويقال هو معنى قول الله تعالى ويخرون للأذقان يبكون ويسمون مع ما ذكرنا إلى معالي الأمور ويتنافسون فيها لحال القوة المدبرة التي في القلب المشاكل لقوة الشمس وهم مع أكثر الأمر في اللباس والزينة وجميع أسباب البدن أصحاب ثم يفترق هذا التدبير على ثلاثة أوجه بعدد بروج المثلثة وأربابها فينفرد الثور والزهرة بهمذان وفارس والماهين والصين من المشرق بلبس الثياب المصبغات بمثل ألوان الزهرة ويغشون بها البدن كله ما خلا الصدر وبطيب الطعام والتنعم والترف والغضارة والطرب والسماع لطباع الزهرة وانفردت للسنبلة وعطارد ببابل وما حولها من العراق وملتقى النهرين الجزيرة والشام وبلاد أثور فصار أصحاب هذه البقاع أصحاب أدب وحكمة وعلم بالنجوم وخبرة بالعلوم التعليمية وأصحاب رصد للكواكب وقياس لهم ذكاء وفطنة وانفرد الجدي وزحل بأرض الهند والسند ومكران وسجستان وما والاها فلذلك مناظرهم قبح وألوانهم مسودة غير وضاء ولا صباح ولا نظافة شبيه أخلاقهم بأخلاق السباع جافية طرائقهم وأما سائر أجزاء هذا الربع الذي يلي وسط جميع الأرض المسكونة وما يقع في جزيرة العرب منها مثل إيدوما وأرض سورية وأرض فلسطين وبلاد اليهود العتيقة من إيليا وتسمى بالعبرانيّة يرشلم وتعربها العرب فتقول أوراشلم وبلاد الأعراب الخصيبة يريد فلاة العرب من نجد والحجاز والعروض وبلاد فونيقا يريد اليمن وما وإلى هذه البلدان فإنه يقبل أيضاً مشاكل المثلث المنسوب إلى ناحية الشمال والدبور وهو مثلث الحمل والأسد والرامي الذي يدبره المشتري والمريخ وعطارد أيضاً ولذلك صار أهل هذه البلدان أكثر تقلباً في التجارة من غيرهم أصحاب معاملات وأصحاب مكر وغش متهاونين للأموال للسخاء الذي فيهم ومعهم رجاحة عقل وذكاء وتدبير في الأخذ والعطاء ويحبون أنفسهم وهم بالجملة ذوو وجهين ولسانين لأجل مشاكلهم لهذه الكواكب فمن كان منهم في بلاد سورية وهي أرض بني إسرائيل وبلاد إيدوما وبلاد اليهود العتيقة فهم يشاكون الحمل والمريخ خاصة ولذلك صار هؤلاء متهورين لا يعرفون الله عز وجل حق معرفته‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ مصداق ذلك مسألة بني إسرائيل موسى عليه السلام أن يريهم الله جهرة وأن يجعل لهم إلاهاً يعبدونه لما رأوا أصحاب الأوثان في كثير من هذا قال بطليموس‏:‏ وهم غاشون ذو خفة وطيش مع نجدة فيهم وهم أهل يسار وغنى وأما من كان في بلاد فونيقى يريد اليمن وبلاد تدمر وأصحاب البراري يريد مهرة فهم يشاكلون الأسد والشمس ولذلك صاروا سليمي الصدور رحماء القلوب محبين لعلم النجوم يعظمون الشمس خاصة من بين جميع النجوم ويسجدون لها وأما الذين في أرض نجد والحجاز وتهائمها فيشكلون القوس والمشتري فأهلها لذلك حسنة أخلاقهم جميلة هيئتهم سهل عيشهم يريد أنهم يجتزون بالدّر من أنعامهم ولهم نفاذ في التجارة والأخذ والأعطاء وملاءمة للمذاهب الجميلة والمعالي والرياسات وبلدهم خصب كثير الأفاويه و إنما سماها بطليموس أرض الأعراب لأجل أن أكثر العرب بادية وسماها خصبة لأنها أكثر البلاد كلا دون المزارع ولذلك اعتمد أهلها على المال السارح وحموه بالخيل إذ لا يحصون لهم ويريد أنها كثيرة الأفاويه بزهور الرمال مثل الأقحوان والخزامى وغير ذلك واليمن يجمع الورد وكثيراً من الأفاويه ولا يعدم بها أكثر الحشائش التي ذكرها ديوسقوريدس في كتابه المعروف بكتاب الحشائش مع نفيس الجواهر والمعدوم من العرض إلا بساحلها فيما يقارب وزن المثقال ويزيد عليه وبها مرامي العنبر على سيوفها ولمهرة وبني مجيد على سيفي بحر اليمن شرقاً وغرباً الجمال العنبرة وذلك أن مسائمها على الساحل وإذا اشتم الجمل العنبرية برك فلم يثر حتى يفقده صاحبه فيطلبه فيجده بالقرب منها فيلقطها فإن أبطأ عليه لم يبرح حتى تفتر قواه من الجوى وربما نفق فذلك خيفة عليها‏.‏

قسم ما بين المشرق والشمال‏:‏ وأما الربع الثالث الذي في ناحية شمال المشرق من بلاد آسيا العظمى فإن ما يحوي من البلاد أرمينية العليا وأرمينية السفلى والسّغد ومدينتها سمرقند وطبرستان وجرجان وموقان وآذربيجان والخزر وجيلان واللان و ياجوج وماجوج وخراسان وتبت وأرض الترك وأرض التّغزغز وسوروما طقا وهي بلاد النساء اللواتي يقطعن أثداءهن ويلقين الحرب ولتدبير المشتري وزحل هذا القسم صار الغالب على أهل هذا القسم الغنى والجدة ويعظمون المشتري وما لهم من الجوهرتين العتيقتين كثير وهم أهل نظافة في المطعم والمشرب حكماء ينظرون في الأمور الإلهية وأخلاقهم أخلاق عدل أحرار وأنفسهم نبيلة قوية وهم مبغضون للشر يمقتون النميمة والسعاية مودّتهم صحيحة يسهل عليهم بذل أنفسهم للموت دون قراباتهم ومن استنصرهم في الأمور الحسنة المحمودة مقتصدون في مجامعة النساء أصحاب عفة وطهارة يلبسون اللباس الكبير الثمن ويجيزون الجوائز وهممهم رفيعة ولهم دهاء ومكر وتعمق بالرأي والنظر وذلك لاشتراك المشتري وزحل في المشرقية فينفرد الجوزاء وعطارد من هذا الحيز بجرجان وطبرستان وأرمينية وما صاقبها فصار أهل هذه المواضع أسرع حركة وأميل إلى الخبث وحسنت سيرتهم وظهر خيرهم وكثرت حيلهم ولطف مكرهم وانكتمت أسرارهم لأجل خفة حركة عطارد وطول اختفائه‏.‏

وينفرد الميزان والزهرة بأرض بلخ وأرض الشاش وماصاقبها فلذلك صار أهل هذه البلدة كثيري الأموال محبين للموسيقى مترفين وصار عليهم عيشهم ليناً نافعاً وينفرد الدلو وزحل بالسُّغد وسوروماطيقا بلاد النساء المقطعات الثدي وما أخذ أخذها يريد الترك والخزر فلذلك صار أهل هذه البلاد أعزاء أشداء أهل فظاظة وجفاء وأجسام قوية مع وحشية وزعارة وأخلاق كأخلاق السباع‏.‏

وأما باقي أجزاء هذا الربع الذي يلي وسط الأرض المسكونة وما يقع في جزيرة العرب منه أو يجاورها فآذربيجان وتخوم ديار ربيعة وديار مضر إلى ما يلي الجنوب والدبّور فإلى ما قارب شرق الثغور الشآمية وتسمى هذه البلاد باليونانية بيوتونية وفروجية وقبادوقية ولودية وقيليقية أي قالى قلا وجانب سورية وتدمر ويقبل أيضاً مشاكلة المثلث المنسوب إلى ما بين الجنوب والدبور وهو مثلث السرطان والعقرب والسمكة ويشترك في تدبير المريخ والزهرة وعطارد أيضاً لاشتراكه ووقوع حصته في الوسط ولذلك صار أهل هذه البلاد في أكثر الأمر يعظمون الزهرة ويسمونها بأسماء كثيرة مختلفة في كل اسم ويسمون المريخ أدونيس وبأسماء أُخر ويتعبدون له وينسبون إلى هذين الكوكبين أسراراً يذهبون فيها مذهب النياحة وهم أشقياء أذلة الأنفس مكدودون مائلون إلى الشر والخساسة ويأخذون الأجرة على الخروج في العساكر والحرب والنهب والسبي ويصيرون في عداد العبيد ويملكون في الحرب من قبل أن حال المريخ والزهرة الحال الشرقية التي يلائمها وهم أهل غش وخيانة وسرف وبذالة وشرب وسكر ومن أجل أن شرف المريخ في الجدي وهو تثليث الزهرة وشرفها في الحوت وهو تثليث المريخ اشتدت نصيحة نسائهم لأزواجهن ومحبتهن لهم مكدودات متعوبات خاضعات فمن كان من هؤلاء في بلاد بتونية وفروجية فإنهم يشاكلون خاصة السرطان والقمر ولذلك صار رجالهم في أكثر الأمر أصحاب تقى وخضوع وصار في أكثر نسائهم بسبب تشريق القمر وتذكيره شكله - يريد أنه ولي بلداً من حيز المشرق وهو مغربي فانطلق طباعه هنالك - رجلة وترؤس ومحاربة بمنزلة النساء اللواتي يرهبن ويهربن من مجامعة الرجال وهن محبات للسلاح مقطعات للثدي اليمنى من أجل حاجتهن إلى الخروج في العساكر ويكشفن هذه الأعضاء عند المصافة في الحرب لينفين عنهن أن يظن بهن أن طبائعهن طبائع النساء وأما ناحية سورية من شرقها وفنقولية وقبادوقية وتدمر فيشاكلون العقرب والمريخ فلذلك صار أكثرهم متهورين في الدين سفهاء أهل جرأة وغش وخبث وكثرة شهوات ومصالاة تعب‏.‏

وأما بلاد لودية وقيليقية - أي قاليقلا - فإنهم يشاكلون الحوت والمشتري ولذلك صاروا خاصة كثيري الملك في الأموال والأمتعة والتجارات وهم أصحاب حرية ومؤاساة وأمانة في المعاملات يثق بعضهم ببعض في الأخذ والإعطاء‏.‏

قسم ما بين المغرب والجنوب‏:‏ وأما الربع الرابع الذي لناحية جنوب المغرب وهو بلد السودان من الزنج والحبش والبجة والنوبة وفزّان وأرض القيروان ومن أفريقية فالقيروان والسوس فبلدان السودان العراة وغانة ويغلب عليها أسماء أخر مثل نوميدية وجاطولية وغير ذلك باللسان اليوناني فيشابه مثلثة السرطان ويدبره الزهرة والمريخ وهما ومغربيان - يريد أنهما من حيز المغرب - جنوبيان لأن الزهرة جنوبية وشرف المريخ جنوبي فلذلك عرض لكثير من أهل هذه البلدان بسبب اشتراك هذين الكوكبين أن يملك فيهم ملك وملكة إخوان من أم واحدة فيملك الرجل منهم على الرجال وتملك المرأة على النساء ويحفظون هذه السنَّة وهي دائمة يتوارثونها وطبائعهم حارة جداً ينهمكون في مجامعة النساء اللواتي يتزوجن قبل افتضاض أزواجهن لهن ونساء بعضهم مشتركة فيما بينهم لنهمهم وحرصهم في الباهية وهم متجملون محبون للزينة ويتزينون بزي النساء من أجل طباع الزهرة إلا أن لهم في أنفسهم رجلة وأنفسهم مذكرة يقدمون بها على الهلكة ويركبون بها على الخطر من أجل طباع المريخ ولهم خبث وشرارة وأفك وغش وغيلة ودغل فينفرد السرطان والقمر من هذه القسمة بإفريقية ونوميدية وماصاقبهما فلأن القمر على شكله من المغربية صار أهل هذه البلاد أهل اشتراك وتجارة وهم في غاية الخصب وأما النوبة وجميع الحبشة والزنج وما قاربهم من جنوب الهند فهم يشاكلون العقرب والمريخ فلذلك صارت أخلاقهم أخلاق السباع أشبه منها بأخلاق الناس وصاروا أهل مشاجرات وعداوات وخصومات وشنآن مستخفين بالحياة ليسوا برحماء بينهم ولا يشفق بعضهم على بعض وربما لم يشفقوا على نفوسهم على أن يتلفوها بالإحراق والخنق والتردي‏.‏

وأما فزّان وما قاربها والسوس وبلد بني أمية فاستولى عليهم المشتري والحوت فلذلك هم أحرار يتحابون فيهم انبساط وحب للعمل ليسوا بمتذللين ولا خاضعين ولهم شكر وتقى من أجل المشتري وهم يعظمونه ويسجدون له ويسمونه أمون وأما ما يصيب هذا الربع من وسط مسكون الأرض فأدون القيروان وتخوم مصر وأسوان وبلاد الحبشة الوسطى التي فيها باضع وسواكن وعيذاب وأرض المعادن وأرض اليمن من بحر عدن أبين فإنها مع دخولها في طباع حيزها ودخول اليمن خاصة من بينها في طباع ماقبلها من طباع ما بين المغرب والشمال ومثلثة الحمل واستيلاء الشمس والأسد عليها من بين هذه المثلثة فطبعها مشاكل طباع شمال المشرق المقابل لها ومقاسمة مثلثة الجوزاء ووالي تدبيرها زحل والمشتري وعطارد المشارك لهما إذا كانا مغربيين وهذه المواضع قريبة من مدار الكواكب الخمسة فلذلك اشتركت جميعها في تدبير هذه المواضع وأهله لذلك أهل تدين وتعبد وحب الله تعالى وتعظيم وإعلاق بأسبابه ويعظمون الجن ويحبون النوح ويدفنون موتاهم في الأرض ويخفونهم من أجل الشكل المنسوب إلى العشيات أي بمحاذاة الكواكب لهم في التغريب ويستعملون سنناً مختلفة وأدياناً شتى ويبذلون نفوسهم في طاعة ربهم ويموتون على ذلك صبراً واحتساباً وإذا ملكوا كانوا صبراء مقرين بالطاعة وإذا ملكوا كانوا أهل عظمة وجبروت كبيرة هممهم سخية أنفسهم ورجالهم يتخذون نساء كثيرة وكذلك نساؤهم يتخذن عدة رجال وهم منهمكون في الجماع وفيهم من ينكح الأخوات ورجالهم كثيرو النسل ونساؤهم سريعات الحمل كثير توليد بلادهم للأشياء وكثير من ذكرانهم أيضاً تكون نفوسهم ضعيفة مؤنثة ومنهم من يستخف بالأعضاء المولدة يريد من لا يتقي الحيض ويعتزله وما أشبه ذلك من أجل مشاركة الكواكب المنحسة للزهرة في التغريب‏.‏

فإذا فصل ما في الربع فإن بلاد القيروان وأرض مصر لاسيما أسافلها يشاكلون الجوزاء وعطارد فلذلك هم أصحاب فكر وفهم وفطنة في جميع الأشياء وخاصة في الفحص عن أمور الحكمة والعلم الغامض والأمور الإلهية وهم أصحاب كهانة ويعملون بمعرفة كل ما عملوه ويستعملون أسراراً مكتومة وهم بالجملة أقوياء على العلوم التعليمية‏.‏

وأما أهل تيبايس وأواسيس وطو وغلود وطيقي فإنهم يشاكلون الميزان والزهرة فلذلك صارت طبائعهم حارةً وهم أصحاب حركة وبلادهم بلاد مخصبة فهم متنعمون متوسعون‏.‏

فأما أهل اليمن وعدن أبين والحبش الأوسطون فلزحل والدلو وعلى شكلهما فأهلها لذلك يكثرون أكل اللحم والسمك وينتجعون من مواضع الجدب إلى الريف وعيشهم شبيه بعيش الوحش أي لا صبغ في طعامهم‏.‏

قال‏:‏ فهذا ما وصفنا به مشاكلة الكواكب والبروج لكل واحدة من الأمم وخواصها في كثير من الأمر على سبيل الجمل ونحن واصفون مشاكلة كل واحدة من الأمم لكل واحد من البروج مفصّلاً على ما يليق بما تقدم من القول فيها ليسهل النظر في ذلك على هذه الجهة‏.‏

فالذي يشاكل الحمل من البلدان بلاد برطانيا ويقابل اطانيا وغلاطيا وجرمانيا وهي بلاد الصقالبة وباسطرانيا والذي يشاكله من البلدان التي تلي الوسط بلاد سوريا العتيقة وفلسطين وإيدوما وبلاد اليهود والذي يشاكل الثور بلاد فارانيا وفارس وميديا ومن البلدان التي في الوسط من العمران بلاد قوقلادس وقبرس وسواحل آسيا الصغرى‏.‏

والذي يشاكل التومين من الأقاصي جرجان وطبرستان وماطينا ومن الداني المتوسط القيروان ومار ماريقا وأسافل مصر‏.‏

وللسرطان من الطرف القاصي نوميديا وقار حدوينا وإفريقية ومن الداني المتوسط بيتونية وفروجيا وقولحيقا وللأسد من الطرف القاصي سقلية وإيطالية وغاليا وأبوليا ومن الداني المتوسط بلاد اليمن وهي قوانيا وحالديا وهي الكلدانيا وأورحينّا‏.‏

وللسنبلة من الطرف القاصي بابل وملتقى النهرين والجزيرة وبلاد أثوريا وقيليقيا ومن الداني المتوسط فنفوليا وألاس وأحايا وقريطس وأثور كأنه يريد بقيليقيا قالي قلا وبفنوليا جبل القبق وبالأس يونان وللميزان من الطرف القاصي بلاد بقطوانيا وهي بلاد بلخ وخراسان وبلاد سيريقا ومن الداني المتوسط تيبايس وأواسيس وطروغلود وطيقا‏.‏

وللعقرب من الطرف القاصي بلاد ماطاغونطس وماريطانيا وهي بلاد الأندلس وغاطوليا ومن الداني المتوسط بلاد سوريا وقوماجينا وقابادوقيا‏.‏

وللقوس من الطرف القاصي بلاد طورينيا وقالطيقا وبلاد سبانيا أي الإسبان ومن الداني أرض العرب العامرة‏.‏

وللجدي من الطرف القاصي أرض الهند ومكران وسجستان وتراقية ومن الداني مقدونية ومن أرض مصر واقريطيس وايلورية‏:‏ وللدلو من الطرف القاصي أرض سمرقند والسّغد وآلسيانيا ومن الداني المتوسط أرض اليمن وعدن أبين الحبشة الأوسطون‏.‏

وللحوت من الطرف القاصي أرض فزَّان ونسمانيطيس وغارامانطيقا ومن الداني المتوسط لوديا وقيليقيا وقنفولية‏.‏

معرفة ما انفرد به عطارد في هذه القسمة‏:‏ ولما كان جملة تدبير أرباع العامرة من الأرض للثلاثة العلوية والزهرة من كواكب السلفية ولم يدخل النيّران وعطارد فيها إلا بما اشتركتهما بيوتهما من المثلثات فاستولت بأكثر طباعها على ثلاثة مواضع من العامر فاستولت الشمس على المشرق فعمرت طباع زحل والمشتري فيه فأتت فيه بالملك الدائم والجبرية وطول المدد وإعلان الأشياء وبهائها وإظهار السر واستولى القمر على المغرب بملاءمته لطباعه فعمر فيه طباع الزهرة والمريخ فأظهر التأله ودفن الموتى وكتمان الأسرار وإخفاء كثير من الأشياء والوحي والنبوة والكتب والتنزيل والحدود والملك والمرِّيخ من بعضها لبعض على نحو زيادته إلى امتلائه ونقصانه إلى إخفائه واستولى عطارد على الوسط لقصر وتره وتوسط طباعه بين طبائع الكواكب مرة نحسا ومرة سعداً ومرة مذكراً ومرة مؤنثاً ومرة نهارياً ومرة ليليّاً ونحوه لأن بيته الجوزاء على الوسط من العمران وسامت هذا البيت ما بين مكة والمدينة فأظهر في هذا الموضع المنطق العجيب وجاء بالحكمة وفتح أبواب العلم من الذكاء والدهاء وخفة الأرواح والحركات ورقة حواشي الألسن وتوقد القلوب في أشياء يتصل ذكرها بذكر ما دخل من الأرباع في الوسط فاشتركت فيه طبائع المثلثات وكل ما ولي الكوكبان في المثلث على حيزهما أظهرا فضل الدلالة وإن وليا من المثلثات على غير حيزهما قلب ذلك الفضل فيكون نقصاناً وفساداً‏.‏

لزحل والمشتري اللذين هما للمشرق والشمال فإذا وليا فيما بين المغرب والجنوب كانت دلالتهما فاسدة وكذلك إذا دبرا قوماً في مغرب الأرض أو دبر المريخ والزهر والقمر بلداّ في المشرق أتت بالدلالة الفاسدة فأعلم‏.‏

تم الكتاب الأول من صفة البلاد ومشاركتها والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين‏.‏

 

معرفة أطوال مدن العرب المشهورة وعروضها

طول عدن من المشرق مئة وسبع عشرة درجة وطلوع الشمس عليها بعد طلوعها على القبة بساعة وأربعة أخماس ساعة وارتفاع القطب الشمالي وانخفاض القطب الجنوبي عليها وهو العرض اثنتا عشرة درجة بالتقريب‏.‏

طول الجند أزيد من طول عدن بنصف درجة وعرضها ثلاث عشرة درجة‏.‏

ظفار وصنعاء في الطول شيء واحد وطول كل واحدة منهما من المشرق مئة وثماني عشرة درجة تطلع عليهما الشمس بعد طلوعها على القبة بساعة ونصف وخمس وسدس من ساعة وعرض صنعاء على ما وجده أهلها أربع عشرة درجة ونصف وعرض ظفار ثلاث عشرة درجة ونصف وعرض مأرب أربع عشرة درجة وثلثا درجة وطولها من المشرق مئة وسبع عشرة درجة تطلع الشمس عليها كما تطلع على عدن‏.‏

وطول صعدة من المشرق مئة وثماني عشرة درجة ونصف تطلع الشمس عليها بعد طلوعها على القبة بساعتين غير عشر وعرضها خمس عشرة درجة وثلثا درجة‏.‏

وطول نجران من المشرق مئة وسبع عشرة درجة وخمسة أسداس درجة تطلع عليها الشمس قبل مطلعها على صعدة نحو من اثنين وعشرين جزءاً ونصف من ساعة وعرضها ست عشرة درجة‏.‏

عرض الفلج ثماني عشرة درجة وطولها مئة وخمسة عشرة درجة ونصف‏.‏

اليمامة‏:‏ عرضها عشرون درجة وطولها مئة وخمس عشرة درجة‏.‏

البحرين عرضها‏.‏

‏.‏

وطولها مئة وثلاث عشرة درجة البصرة عرضها إحدى وثلاثون درجة وطولها مئة وسبع درجات‏.‏

الكوفة عرضها إحدى وثلاثون درجة وثلاثة أرباع وطولها مئة عشرة درجة وربع‏.‏

وعرض المهجم مثل عرض صنعاء وطولها مثل طول زبيد‏.‏

وعرض الخصوف مدينة حكم مثل عرض صعدة وطولها من المشرق مئة وتسع عشرة درجة‏.‏

وعرض عثر ست عشر درجة وربع وطولها من المشرق مئة وتسع عشرة درجة وربع‏.‏

وعرض شبام حضرموت مثل عرض ظفار وطولها من المشرق مئة وست عشرة درجة‏.‏

الاسعاء من مهرة وطولها من المشرق مئة واثنتا عشرة درجة وعرضها ست عشرة درجة ونصف وثلث عشرة‏.‏

وعرض مكة عن الفزاري ثلاث وعشرون درجة وثلث وعن حبش إحدى وعشرون درجة وهو أقِّمن وطولها عن الفزاري مئة وست عشرة درجة من المشرق وعن حبشٍ مئة وعشر وقال بعض أهل صنعاء‏:‏ مئة وعشرون وهو أحرى‏.‏

وقال حبش طول المدينة مئة وثماني عشرة وعرضها درج الميل أربع وعشرون والفزاري يقول‏:‏ عرضها ثلاثون إلا كسرا وذلك ما لا يوجد‏.‏

وقال‏:‏ إن طول بيت المقدس مئة وسبع وعشرون وعرضه إحدى وثلاثون درجة وخمسة أسداس درجة‏.‏

دمشق طولها مئة وأربع وعشرون درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة‏.‏